الخميس، 17 مارس 2016

الوطنية ليست حالة نفسية طارئة أو شعورا نستدعيه متى لزم الأمر ثم نعطله بعد ذلك

يوسف كمال 
هناك حقائق لا يسعنا تجاهلها في قضية تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة ، فالمسألة أكثر خطورة وتعقيدا من مجرد زلة لسان عرضية سببها محاباة قوة إقليمية ما على حساب أخرى ، والرد الرسمي للأسف وقف عند حدود التفاعل مع ظاهر التصريح دون النفاذ إلى عمقه.
سنلاحظ أن حالة من الهيجان انتابت المغاربة بعد تصريحات كيمون فخرج البعض إلى الشارع للتعبير عن غضبه بالسب والشتم والتهديد والوعيد ، و كل ذلك لا يؤثر في موقف الأمين العام للأمم المتحدة شيئا ، إنه يذكر بلقطة مأساوية من فيلم أنجز عن حياة الراحل ناجي العلي، حيث اجتمع مجموعة من الأثرياء ورجال الأعمال والمثقفين لشرب نخب بناء خمارة في الضاحية الجنوبية من بيروت ضدا على الإرادة الصهيونية، كان صاحب الخمارة يصرخ بأعلى صوته “لقد أبت سلطات الاحتلال أن أقيم خمارتي هذه ، لكني ضدا على إرادتها فتحت الخمارة وسأقدم لزبنائي ما تشتهيه أنفسهم … ” فضج القوم وانتابتهم حالة هياج شديد لأن كلمات الرجل داعبت حسهم الوطني ، غير أن الوطنية في الواقع ليست حالة نفسية طارئة أو شعورا نستدعيه متى لزم الأمر ثم نعطله بعد ذلك، أو نوظفه في قضية ونلغيه في قضايا أخرى … الوطنية التزام مبدئي دائم تجاه كل قضايا الوطن الملحة فقضية الصحراء وقضية سبتة ومليلية أو قضايا التعليم والصحة والفساد الذي ينخر البلاد كلها تستلزم وقفة حقيقية من عامة المواطنين وخاصتهم ، لأن هذه المعضلات لا تحلها المواطنة الموسمية أو المواطنة الموجهة المؤسسة على الانفعال العاطفي الآني …

                                                                                                                        عن جريدة المساء 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق